رسالة اليوم

27/01/2018 - الأكَثرُ اِستِنارةً مِنْ جَميعِ الأنْبِيَاءِ

-

-

"رُؤْيَا إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ الَّتِي رَآهَا عَلَى يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ فِي أَيَّامِ عُزِّيَّا وَيُوثَامَ وَآحَازَ وَحَزَقِيَّا مُلُوكِ يَهُوذَا" (إشعياء 1:1).

مارسَ النبي إشعياءَ خِدمتهُ لأكثرَ من سِتةِ أجيالٍ مُتوالية ( ٦٠ سنة )، خِلال فترةِ حُكم ملوك يَهوذا الأربعة: عُزِّيَّا وَيُوثَامَ وَآحَازَ وَحَزَقِيَّا. ويُعتبرُ إشعياءَ في رأيِ عُلماءِ الكتابِ المُقدسِ الأكثرَ اِستنارةٍ من بَينِ جَميعِ الأنبياءِ الذينَ اُستخدِموا في كِتابةِ الإنْجيل. ورُبما كانَ لمُعاصريهِ الفُرصةَ للتمتُع بِالعلاقةِ التي كَانت تَربطُ هذا العبدُ بالرَّبِّ العليّ.

تحدثَ النبي إشعياءَ عنْ رُؤياها، ولخَصَ مَا قيلَ لهُ في عَهدِ هؤلاءِ المُلوكِ الأربعةِ. وكانت كِتابهُ عَميقٌ جِداً، ولكنْ، لمْ يكُن هدفُ النبي الكتابةُ عن الحَياةِ اليوميةِ لهؤلاءِ المُلوك، بل عمَا هُو مُهمٌ لتعليمنا. وفي الحَقيقةِ، كان كُلُّ ما رآهُ عنْ شعبِ إسرائيل وعنْ المَدينةِ المُقدسةِ .الآن، نحنُ نفهم أن الأشخاصَ الذين اِستخدمهُم الرَّبُّ العليِّ في تدوينِ كلمتهِ، فعلوا ذلك بتوجيهٍ من الرُّوحِ القُدس، وتقاريرهُم هي عِبارةٌ عن وحيٍّ من عندِ الله.

كانت رُؤية النبي إشعياءَ في أيامِ عُزِّيَّا المَلك، والتي غَيرت حَياتهُ تماماً. وللأسف نَحنُ لا نعرفُ الكثير عنْ عُزِّيَّا، الذي حَكمَ لمُدةِ ٥٢ عاماً في أورشليم. وكانت الرؤيةُ التي رَأها النبي مَليئةً بِالدروسِ الثمينةِ. فلقدْ رأى وَاحِدٌ مِنَ السَّرَافِيمِ وَبِيَدِهِ جَمْرَةٌ قَدْ أَخَذَهَا بِمِلْقَطٍ مِنْ عَلَى الْمَذْبَحِ، وَمَسَّ بِهَا فَمِهُ وَقَالَ: «إِنَّ هذِهِ قَدْ مَسَّتْ شَفَتَيْكَ، فَانْتُزِعَ إِثْمُكَ، وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِكَ»( إشعياء 6).

الآن، انتهز الملك يُوثَامَ مثال أبوه الجيد " وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كلِّ مَا عَمِلَ عُزِّيَّا أَبُوهُ (إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ هَيْكَلَ الرَّبِّ). وَكانَ الشَّعْبُ يُفْسِدُونَ بَعْدُ"(2 أخبار الأيام 2:27) وَتَشَدَّدَ يُوثَامُ لأَنَّهُ هَيَّأَ طُرُقَهُ وفقاً لمشيئة الرب إِلَهِهِ.

أمَا آحَازَ فقد كانَ واحدٌ من أغبى ملوكِ يَهُوذا، لأنهُ على الرُغم من أنه في أيامهِ كان لديهِ خادمٌ للرَّبِّ مثلَ إشعياء، لكنهُ أختارَ أن يَبتعد عنْ طريقِ الحقِّ، ويَتبعَ السَحرةَ والمُشعوذين. لدرجةِ أنه جعلَ أبنهُ يمرُ من خِلالِ النارِ، ليحصُل على رِضَا الشَّياطينِ عَليهِ (2 ملوك 2:16) وعنْ عبادةِ الآلهةِ البَاطلةِ كتبَ النبي في الإصَحاحِ ٤٤ ، الآيات من ١٦ إلى ٢٠

أمَا بالنسبةِ للملكِ حَزَقِيَّا، فقدْ كانَ واحدٌ من أفضلِ حُكامِ يهُوذا، وبَاركهُ الرَّبُّ كثيراً مِن خلالِ إشعياء النبي، والذي لعِبَ دَوراً مُهماً مَراتٍ عَديدةٍ في أيامِ حُكمهِ. وكان النبي الذي وحَد إيمانهُ مع المَلك، ضدَ سَنحاريب، عندمَا حَاصر إسرائيلَ وهَدد بِتدميرِ المَدينةِ بكاملِها. ونَتيجةً لذلك، مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ وَضَرَبَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْف جندي مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ، في ليلة ولحدة وخلص شعبه. (2 ملوك 35:19).

إن خدمة إشعياءَ، الَمذكورةُ في الكتابِ المُقدسِ، تُعلمنَا أن الرُؤيةُ التي قدْ اُعطيت لهُ تقول بأنْ يحترمَ شعبَ الله والمَدينةِ المُقدسةِ. فيا أخي، كمَا فعلَ النبي، هلْ سمحتَ أنتَ أيضاً للرَّبِّ بأن يَستخدمكَ في إنجازِ أعمالهِ؟ أم أنتَ هو الابنُ الوحيدُ الذي لمْ يُعطيهِ الآبُ مُهمةٌ؟ يَجبُ أن تَستيقظَ من هَذا الحُلم، لأنهُ في يومٍ أقربَ مِما نَعتقدُ، سَنقفُ أمامَ المَلك، ووقتهَا سَنعرفُ بالتأكيدِ إذا كُنا قدْ خَدمناهُ أم لا.

 محبتي لكم في المسيح 

د. سوارز