رسالة اليوم

03/12/2017 - تَعلّمْ مَعَ دَاوُدَ

-

-

" قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي." (مزمور 10:51)

لقدْ وَاجهَ دَاوُدَ لحظةً رهيبةً مرةَ واحدةَ، وأدركَ بعدهَا مَدى خُطورةِ خطيئتهِ، عِندمَا وبيخَ عنْ طريقِ النبي نَاثانَ. ومَع ذَلك، وعلى الرُغم من توبةِ داوُد، إلا أنهُ كانَ يجبُ عليهِ دفعُ الثمنَ بَاهضاً بِسببِ هَذهِ الخَطيئة، لذلكَ دَعا الرَّبَّ القدير أن يَحفظهُ من هَذهِ الخَطيئةِ. ويَجبُ أن يَكونَ سُقوطهُ مثالٌ لنَا. ليُعلمنا أنه يَجب عَلينا عَدمُ إعطاءِ الشَّيْطانِ مَوطئَ قدمٍ في حَياتِنا.

لقدْ قادَة هذه التجربةُ مَلكُ إسرائيلَ إلى وضعٍ صعبٍ. ولو كانَ يعلمُ مَا سَيحدُثُ لهُ في المُستقبلِ بسببِ عدمِ تَعقلهِ، لكانَ صلّي إلي الله بأن يَحفظهُ من هَذهِ التجربةِ. فبِفعلهِ للخطيةِ مرةً واحدةً مع بَثْشَبَعَ، ٱمْرَأَةَ أُورِيَّا ٱلْحِثِّيِّ، كُتبَ اسمهُ في قائمةِ الزُناةِ والمُجرمينَ (2 صموئيل 11). تماماً كما ذَكرها النَبي نَاثانَ في القصةِ التي رَواه (2 صموئيل 12: 1-4)، كانَ رَجُلَانِ فِي مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ، وَاحِدٌ مِنْهُمَا غَنِيٌّ وَٱلْآخَرُ فَقِيرٌ. وَكَانَ لِلْغَنِيِّ غَنَمٌ وَبَقَرٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا. وَأَمَّا ٱلْفَقِيرُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ إِلَا نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ صَغِيرَةٌ، فَجَاءَ ضَيْفٌ إِلَى ٱلرَّجُلِ ٱلْغَنِيِّ، فَعَفَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَنَمِهِ وَمِنْ بَقَرِهِ لِيُهَيِّئَ لِلضَّيْفِ، وأَخَذَ نَعْجَةَ ٱلرَّجُلِ ٱلْفَقِيرِ – لمْ يَكنْ الزِّنا بامرأة من أخلاقِ داوُد، ولا ينبغي لأي أحدٍ أن يَجعلهُ العدوُّ يُلوثُ شرفَ أي شخصِ كان. ولأن، لكلِّ خطيةٍ عِقَابُها، فمنَ الأفضِل عدمُ القيامِ بها.

بالتأكيد هَذا الخَطأ لنْ يتكررَ مرةً أخرى في حَياة المَلك. ومَع ذَلك، فإنَ كَلمة الرَّبِّ تقول إن الخطأَ سَيشيرُ دَائما إلى صَاحبهِ (تكوين 4: 10). لذلك، ففي اليَوم الاخير العَظيم، عُيونُ الرَّبِّ التي كلهيبُ نارٍ، ستكشفُ كلَّ أنواعِ الخطايَا والتَجاوزاتِ التي فعلناهَا، ولكِنَّ الخبرَ السار هُو أن الله يُرسلُ أنبيائهُ دائماً ليكشفوا للخُطاة خَطاياهُم، وبَهذا يُمكنهم التَوبةُ والرجوعُ إلى المسيح. ومن نَاحيةٍ أخرى، فإنَ أولئكَ الذين يَصُمونَ أذانهُم عنْ صوتِ الرُّوحِ القُدس ولا يتوبونَ، بعدَ الدينونةِ سيطرحونَ في العذابِ الأبدي، فعندمَا سيكشفُ عنْ كُلِّ شيءٍ، سوف يَذهبونَ للمعاناةِ التي تَدومُ إلى الأبدِ، والتي لا يُمكنُ مُقارنتهَا بأي شيءٍ آخر قدْ شاهدنهُ هُنا على هذهِ الأرض.

اِعترفَ ملكُ إسرائيلَ بخطيئتهِ وتابَ عنهَا، ودفعَ ثمناً باهظاً. وأولئك الذين سَقطوا؛ وليْسَ لديهم الشَجاعةُ للاعترافِ بمَا فَعلوه، لا يُدركونَ مدى الحَماقةِ التي يتصرفونَ بِها. فَمهما كانَ الثمنُ الذي سوفَ يَدفعونهُ هُنا، فهو لا يُقارنُ بِذلكَ الذي سَيلاقونهُ في الأبديةِ. فمنَّ المفروضِ أنَّ منْ لديهِ الشجاعةُ لارتكابِ الخَطيئةِ، لهُ أيضاً الشجاعةُ للاعترافِ بِها. فَمثلاً لنفترضَ أنهُ لا يُوجدُ عقابٌ للخطايا في الابديةِ؛ ولكِنْ، بوجودِ الضميرِ الذي يُذكرنَا بما فَعلناهُ، أظنهُ سَيكونُ كافياً لأي أحدٍ لكي لا يُفكرَ في اِرتكابِ الخَطيةِ.

أدركَ داوُدَ أن رُوح الخَطيةِ لنْ يتركهُ إذا لمْ يبكي مِن كُلِّ قَلبهِ، ويَطلبَ بِدايةً جَديدةً من الرَّبِّ. لقدْ صرخَ بكلِ قُوتهِ وطلبَ نِعمةً إلهيةً، وأنْ يكونَ لهُ قلباً جديداً، نقياً، مُحترماً وحَساساً لرُّوحِ الله - وفي بَعضِ الحَالات، نَحنُ نَحتاجُ للصيامِ أيضاً.

ينبغي أن تكونَ التجربةُ المُحزنةُ التي مرَّ بِها مَلكُ إسرائيلَ المَحبوب مِثالاً يُحتذى بِهِ لجَميعِ أولئِك الذينَ يَلعبونَ بِالنار. أولئك الذين يُطيعونَ العدوُّ، ويَسمحونَ لهُ بأن يَتحكمَ بِهم، ولا يُدركونَ أنهُم بِذلك يُوقعونَ علي رِسالةِ إدانتهِم، وبَعد ذَلك، لنْ يَكونَ لهُم سَلام، لا في هَذهِ الحَياة، ولا في الأخرةِ، إذا لمْ يَسعوا حقاً لغُفرانِ خَطاياهُم. مُلاحظة: هَذا لا يَعني التَراجُع أو غُفرانِ الخطيئةِ القديمةِ.

أخي، يَحرصُ الله دَائما على جَعلِ أبنائهِ يَشعرونَ بِالرضَا، ويكرهونَ الخَطيئةِ. لِذلك يَجبُ عَلينا نَحنُ أن لا نَقع في أيدي العَدوُّ. الله أبٌ حقيقي ويُريدنَا أن نَكونَ سُعداء ومجاناً. لذلك، يَجبُ علينا دَائماً طاعةُ صَوتِ روحِ الله!

 محبتي لكم في المسيح 
د. سوارز