رسالة اليوم

02/07/2017 - أسَوأ خَسَارةٍ سَوفَ تَأتي

-

-

"لأَنَّ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ وَلاَهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ" (رومية 1: 20).

قَبل اِكتشافِ العَالمِ الفَرنسي لويس بَاستور، لمْ تَتصورَ البَشرية أنهُ هُناك عَالمٌ مِنَ المَخلوقاتِ المَجهريةِ يَعيشُ مَعنَا. وبَالرّغُم أن سُليمانَ الحَكيم كتب مُنذُ قُرونٍ، أنّ الثَعالبَ الصِّغارَ تَفسدَ الكُروم (نشيد الإنشاد 2: 15)، وحَتى الآن، لمْ يَستطيع البَاحِثونَ أن يُثبتوا أنّ مَجموعةَ لا حَصرَ لهَا من الكَائِناتَ التي لا نَراهَا بَالعينَ المَجرّدةِ، هي وَراءَ الامراضِ التي تُدمّرُ حَياةَ المَلايين من البَشرِ.

وبِغضِ النَظرِ عنْ تِلك الكَائناتِ الغَيرِ مَرئية، هُناك أيَضاً المَلائكةِ والشَّيْاطين، التي تَخضعُ إلى تَسلسُل هَرمي، وتُكافحُ أمَّا من أجَلنا أو ضِدّنَا على التَوالي. فَالمَلائِكة تُطيع أوامر الرَّبُّ الإلهِ، أمَّا الشَّيْاطِين فَيعملونَ عَلى تَنفيذ الخِطةِ القَذرةِ والمُدمّرةِ لرئِيسهم: إبليس زَعيمهُم.

المَلائكةِ – هي تِلك الكَائناتُ الرَائعةُ التي تَبدأ العَمل عِندمَا نُؤمنُ بِما تَقولهُ كلمة الله لنا - يَنتظرون فَقط أن نَنهض ونَأخُذ مَكاننا في المَسيح، حَتى يُمكنهُم القيامُ بِتنفيذِ المَشيئةِ الإلهية.

فالأشياءُ المَخلوقةُ تُبينُ لنَا تَلِك المَخلوقاتِ الغَيرِ مَرئيةِ. وليْسَ هُناك شَيءٌ مُؤلمٌ أكثرَ من رُؤيةَ أحدٍ يَقولَ أنهُ لا يَؤمنُ باللهِ. والذي يَفعلُ ذَلك، يَعيشُ في ظَلامٍ عَظيمٍ، ولا يَستطيعُ رَؤيةَ مَا هو مُوجودٌ أنهُ لمْ يُوجدَ عنْ طريقِ الصُّدفةِ، وإنَما جَاءَ إلى النُورِ بِواسطةِ شَخصٍ غَيرُ محدودٍ، وقُدرتهِ أكبرَ من قُدرةِ أي مَخلوقٍ. هو أبدي مِثل قُدرتهِ وسُلطانِهِ وأعَمالهِ. ومَهما كانَ الإنْسان قدْ عانى أو أخطأ، فَهو العَمل الذي لنْ يَنتهي أبَداً.

تُؤكدُ الآية التي قرأناها: أنهُ لنْ يَكونَ هُناكَ عُذرٌ لأي أحدٍ؛ يَكفي أن نَنتبهَ إلى مَا هُو مُوجودٌ لنَفهمَ مَا هي مَسؤوليَتنا في مَعرفة الخَالق. وفي يَومٍ، سَوفِ يَنتقمُ الرَّبُّ مِن الذينَ رَفضوا التَعرف عَليهِ. ويُمكنُ أن يَعيشَ الجَميعُ بَطريقةٍ وفَيرةٍ، ويَكونوا أشَخَاصاً عَاديين، ويُمارسونَ الأشياءَ الجَيدةَ فَقط. إلا أنّه للأسفِ الشَديدِ، كَثيرونَ يَتركونَ العدوَّ يَخدعهُم ويُمارسُونَ الأشياءَ الخَاطئةَ. والذي يُغلق عَينيهِ لغَرضِ الخَالقِ في خَلقِ الإْنسان، سَوف يُطرحُ يَوماً ما في البُحيرةِ المُتقدةِ بِالنارِ والكَبريتَ إلى أبدَ الآبَدينَ - وهُؤلاء الأشَخاص سَوفَ يُجربونَ المُوتَ الثَاني، الذي يَعني الانفصالَ الأبدي عنْ الرَّبِّ الإلهُ (سفر الرؤيا 20: 14؛ 21: 8).

أكبرُ خَسارةٍ للذينَ يُطرحونَ في هَذهِ البَحيرة لنْ تَكونَ مُجردُ المُعاناةِ التي سَوفَ يَجتازونَ بِها - والتي يُقال عَنها، أمَر فَظيعَ ولنْ يَزول مِن الوُجودِ أبداً، ولكِنْ حَقيقةِ الأمرِ أيَضاً بِعدمِ التَمتُعِ بِالثرواتِ التي تنَتظرُ الأبَرار إلى أبد الآبَدين، ثُمّ بَعد ذَلك، يَعرفونَ قُدرةِ الإبَداع ومَحبةِ الآب. فَكر في هَذا!

محبتي لم في المسيح 

د. سوارز