رسالة اليوم

09/06/2017 - كَانَ الرَّبُّ يَعملَ

-

-

وَلَمَّا أَصْعَدَهُمَا إِلَى بَيْتِهِ قَدَّمَ لَهُمَا مَائِدَةً وَتَهَلَّلَ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ إِذْ كَانَ قَدْ آمَنَ بِاللَّهِ (أعمال الرسل 16: 34).

كانَ بُولس الرّسُول مَظلوماً في مَدينةِ فِيلبي، حَيثُ كَانَ هُناكَ لتَنفيذِ الأوامر الإلهية بِالتبشيرِ بالإنْجيلِ. فلقدْ جَلدوهُ بِالسِّياطِ وألقوهُ في السِّجنِ، لأنهُ حرَّرَ فَتاةً من الأرُّواحِ الشِرِّيرةِ، وبَالرُّغمِ مِن أنَّهُ كان مَجروحاً، لكنّه كَان يُسبِّحُ الآب.

وفجأة حَدَثَ زِلزالٌ شَديدٌ هَزَّ أركانَ السِّجْنِ فَانْفَتَحَتْ فِي الحَالِ الأَبْوَابُ كُلُّهَا وَانْفَكَّتْ قُيُودُ الْجَمِيعِ. وأَيْقَظَ الزِلزالُ ضَابطَ السِّجْنِ، فَلمَا رَأَى أَبْوَابَ السِّجْنِ مَفْتُوحَة ظنَّ أنّ السُجناءَ قدْ هَربوا، فاسْتَلَّ سَيْفَهُ وَكَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ. فَنَادَى عَليهِ بُولُسُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: لاَ تَفْعَلْ بِنَفْسِكَ شَيْئاً رَدِيّاً لأَنَّ جَمِيعَنَا هَهُنَا. فَطَلَبَ ضَوْءاً وَانْدَفَعَ إِلَى الدَّاخِلٍ وهو يرتجفُ خَوفاً وَخَرَّ لِبُولُسَ وَسِيلاَ ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا وَقَالَ: يَا سَيِّدَيَّ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟ فَقَالاَ: آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ. ثم بشّراه هو وَأهل بَيْتِه جميعاً بِكَلِمَةِ الرَّبِّ. فَأَخَذَهُمَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَغَسَّلَهُمَا مِنَ الْجِرَاحَاتِ وَاعْتَمَدَ فِي الْحَالِ هُوَ وأهل بَيتهِ جَميعاً. ثُمَ ذَهبَ بِهما إلى بَيْتِهِ وبَسطَ لَهُمَا مَائِدَةً وَابتهج مَعَ أهل بَيْتِه جميعاً، إِذْ كَانَ قَدْ آمَنَ بِاللَّهِ.

ومَا جَعلَ قُدرةَ الرَّبِّ تَعمل بِهذهِ الطَريقةِ الخَاصةِ هو إيمانُ خُدامِ الرَّبِّ الإلهِ، الذينَ بَالرُّغمِ من أنَّهُم كَانوا مُصابين بَالجروح، ويُعانونَ من الآمِ في الجَسدِ، ألا أنَّهم كَانوا يُسبّحوهُ. فَلا تَسمح لأيِّ شيء أن يَمنعك من أن تُمجّدهُ. لأن شَركتكَ مع الآب تُعتبرُ ذَات أهَميةٍ عُظمى لتنهضَ رُّوحياً وتَتحرّر مِن أي شيءٍ يَربطكَ بِهذا العَالم. والرَّبّ يُكرم الذينَ يُكرمُونهُ.

تَدخّلَ الرَّبّ وفَتحَ جَميعَ أبوابَ السِّجْنِ، عِندمَا أظهروا أن لا شيءَ يُمكنُ أن يُقيّدهُم؛ وحَتى المُجرمين قدْ اِستفادوا. ولم يكُن هَدفُ عَملهِ أولِئك الذي أخطأوا. بلّ حَتى أولئك الذينَ اِستعملهُم العدوُّ بِطريقةٍ سَيئةٍ جَداً قدْ يَستطيعوا الحُصولَ على الخَلاصِ عِندمَا يَقُومُ المَسيحُ بالعملِ. السِّر هو أن نَفتحَ القلبَ لهُ (مرقس 2: 17). وجَميعَ المَسجونِين كَانوا يَصغونَ للتسبيحِ الذي قَدّمهُ رجالُ الله للرَّبِّ الإله. فجيدٌ أن نَنتبه إلى مَا يفعلهُ المَسيحيّونَ للرَّبِّ، لأنهُ هو الذي يُعطيهِم القُدرةَ على الكلام عَنهُ والتَسبيحِ لهُ.

فَالرّسُول بُولس قدْ مَنعَ الرّجُل من الانتِحار وقَادهُ إلى المسيح، وعَمّدهُ في تِلك اللّحظةِ. فلا ينبغي أن يَتمّ العَملُ الإلهي كَما تتمُّ أعمالُ البشر. فإن كَانَ الرَّبُّ الإله قَائماً بَالعمل، فَلا حَاجة للانتظارِ لمزيدٍ مِن الوَقتِ لمَعرفة ما إذا كَان الشَّخص قدْ تَغَيّرَ بالفعل. يَكفي القَيامُ بِالعملِ وِفقاً لمَا يَقولهُ الرُّوح القُدس. وفي الوَاقعِ، أن الرَّبَّ العليّ كَانَ القَائد لكُل الأحَداث في تِلكَ الليلةِ.

كَانت أكبرُ فَرحةً للسَّجانِ، أنهُ أخذَ الرَّسولينِ إلى بَيْتِهِ وبَسطَ لَهُمَا المَائِدَة. ثُم هو وأهل بَيْتِه جَميعاً، قدْ شَاركوا أولئِك الرُسل في الإيمانِ الذي يَقتنوه ويُعلنوه, وجَعلهُم يَبتهجونَ جَداً في الرَّبِّ. يا لهَا من ليلةٍ جَميلةٍ كانت مَليئةً بَالبركاتِ! ويا لهَا من لحَظاتٍ مُمتعةٍ سَوفَ تمرُّ بِها أنت أيضاً، لو تَركتَ روحَ الرَّبِّ يَقودكَ في كُلِّ شيءٍ. فَجيدٌ أن تَتبعَ الإرشاداتُ السَّماوية، لأنهُ هَكذا، أنتَ أيضاً سَوفَ تُجرِّب الأعَمال الإلهية.

فَالرَّبُّ يَعملُ في اللحظاتِ الصّعبةِ جِداً. وعِندمَا يَعملُ لا شيءَ يَمنعهُ (إشعياء 43: 13). فلا تُضيّعَ وقتكَ لِكي يَعملَ مِن أجلِكَ.

 محبتي لكم في المسيح 

د. سواريز