رسالة اليوم

14/09/2025 - الرَّجل الذي عرفَ كيف يكونُ خادماً

-

-

 

وَالآنَ إِنْ غَفَرْتَ خَطِيَّتَهُمْ، وَإِلاَّ فَامْحُنِي مِنْ كِتَابِكَ الَّذِي كَتَبْتَ». (خروج32:32)

لقد ذهبَ العبرانيون أبعدَ ممَّا ينبغي حين طلبوا من هارون أن يصنع لهم آلهة، لأنّهم لم يَسمعوا عن أخبار موسى. ولم يفهموا أن الشَّخص الرّئيسي في تلك القصة هو الربّ وليس خادمه. وفي كلِّ مرَّة يحدث فيها انقطاعٌ عن الخدمة، يظهر أنَّ الذين انقطعوا عن الآخرين كانوا يهتمُّون بمصالحهم الخاصّة. فمن يتبع المتمرّد يثور على الحكمة أيضاً. وفاعلُ الشرّ يحتقرُ الذي أخرجه من الأسرِ.

لم يهتمّ بنو إسرائيل بما حدث لرَجلِ الله. ولم يقدِّروا من استُخدم لإخراجهم من مِصر. كان عليهم أن يثقوا في أنّ الربَّ كان قوياً وحكيماً بما يكفي للحفاظ على سلامة خادمهِ. وكان ينبغي لهم ألّا يتصرفوا بهذه الطريقة إذ مالوا إلى عبادة الأصنام. والآن أولئك الذين يتّخذون الشَّيطان مرشداً لهم سوف يسقطون معه في هاوية النّار والكبريت الأبدية.

لقد كان خطأهم فادحاً إذ استثاروا الغضبَ الإلهي بسببِ موقفٍ أحمقٍ. لقد أرشدَ ورثة المواعيد أتباعهم الضُّعفاء إلى التصرُّف كخونة، وبالتالي آذوا قلبَ القدير. ونتيجة لهذا الشَّر الكارثي، قُتِلَ حوالي ثلاثة آلاف منهم بسبب خطيئتهم المُخزية. احذروا: إذا أسأتم إلى قداسة الربّ فستكون لكم عقوبة عادلة.

قرَّرَ الله تدمير جماعةِ العبرانيين بأكملهِا وبدء جيلٍ جديد من خلال موسى، الذي رفض الاقتراح الإلهي مباشرةً. لقد أثبتَ أنَّ رفضه كان عظيماً، لذلك تزكى أمام العليّ. فلو فكر في نفسه، لأظهر أنه لا يمتلك مؤهلات الخادم وسيخسرُ الكثير أيضًا. لكن من يترك أيّ شيء من أجل الإنجيل سينال مائة ضعفٍ أكثر.

وَالآنَ إِنْ غَفَرْتَ خَطِيَّتَهُمْ. لقد رفعَ موسى صلاةً قويّة من أجل مواطنيه، وهي الصَّلاة التي تُرضي العليَّ كثيراً، لأنه يرغب في أن تتصالح البشرية كلّها معه. عندما يكونُ الإنسان في سلام مع الله، تسير كلُّ الأمور معه على ما يرام. من تحرَّر من الخطية أصبح حرّاً لأنه نال النِّعمة الإلهية، وبالتالي لا يستطيع العدوُّ أن يضطهد هذا الإنسانَ بعد الآن. لذلك فإنَّ البركة الأولى هي طلبُ المصالحة مع الربّ.

كان الغفرانُ أمراً أساسياً بالنّسبة لموسى. حتى أنَّه طلب من القدير أن يُمحى اسمَه من سفر الربّ إذا لم يَغفر لمذنبيه. فهل يستحق الأمرُ أن يكون لله خطة لخلاص البشرية كلّها إذا كان عليه أن يقتل نسل إبراهيم وإسحق ويعقوب؟ عندما انتهى موسى من الصَّلاة، أخبره الله أنه سيستجيبُ لطلبهِ، لكنَّ أسماء العصاة ستُمحى من السِّفر.

لقد فهمَ موسى أنَّ اسمَه مكتوبٌ مسبقاً في الكتاب المقدَّس، لكنّ محبّته لإبراهيم وإسحق ويعقوب كانت أعظم من مَجد بدء جيلٍ جديد من خلاله. لذلك فضَّل أن يُمحى من هذا المَجد، إذا لم يتم الوفاء بالوعد الذي قطعه لأسلافهِ.


محبتي لكم في المَسيح
د.ر.ر. سوارز