-
-
«مُوسَى عَبْدِي قَدْ مَاتَ. فَالآنَ قُمُِ اعْبُرْ هذَا الأُرْدُنَّ أَنْتَ وَكُلُّ هذَا الشَّعْبِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَنَا مُعْطِيهَا لَهُمْ أَيْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. (يشوع 2:1)
لا نفهم أحياناً حقيقةَ توجيه الله لعملهِ. فإنَّنا نضع نفوسنا أمامه كشعب بلا وجهةٍ، ونحزن لأنَّه كان هناك تغيُّر في القساوسة في الجماعة أو انتقال شخص استخدمه الله إلى السَّماء، لكنَّنا نُحزن قلب الربِّ بفعلنا هذا. فإنَّ القدير يعلم دائماً ما يجب وما يلزم فعله. وبهذه الطريقة، يستفيد الجميع من صلاحه. هللويا!
وبَّخ الله موسى لأنَّه توقَّف للصلاة بدلاً من مواصلة التحرُّك. وقرَّر ذاك القائد الذي غادر بنفسه مصرَ بأمرٍ من الله أن يطلب الإرشاد من القدير عندما سمع بأنَّ فرعون كان قادماً لاسترداد الإسرائيليّين (خروج 10:14) فكانوا في نقطةٍ يستحيل الهرب منها. حيثُ عبر جميعهم في الوادي والجبال المرتفعة على جانبيهم والبحر الأحمر من أمامهم. لكنَّ الربَّ قال لهم أن يتوقَّفوا عن الصُّراخ له وأمر الجميع بالسّير (خروج 15:14). إنَّ الطاعة بالإيمانِ هي أفضل أمر.
من الممكن أنَّ يشوعَ لاحقاً ركع وصلّى، مُعتبراً أنَّ موسى كان أداةً بين يدي الله. كان الجميع خائفين من المجهول ومن عواقب قيادته. ولذلك، لكان الأمر مختلفاً حتى بوجود بولس. والآن، يستخدم الله خدَّامه في حياتهم ويريد أن يستخدمنا اليومَ، لذا علينا أن نتمسّك بما يخصُّنا.
كان من المناسب أن يقفَ يشوع ويقود الشعب للسير والدُّخول إلى أرض الموعد. لقد كانت أريحا مدينة محصَّنة جيّداً ومحميّة بأسوارٍ عالية وتبدو أنَّها لا تُقهَر. لكنَّ الأعمال الإلهيَّة أعظم بكثير من تلك التي للشيطان، الذي يحاول أن يقود الإنسان إلى منعِ تقدُّم الربِّ. الأمر الذي لن يصدِّقه أحد لو قِيل مسبقاً. فالخطّة التي ظهرت ليشوع بدت كالانتحارِ الجماعي، لكنَّها كانت الخطَّة المثاليَّة (يشوع 3:6-5).
عندَ عبور الإسرائيليّين في البحر الأحمر، كانت الأيدي الإلهيَّة تعمل بتفاصيلٍ دقيقة. وحينما شقَّ موسى المياه أرسلَ الربُّ ريحاً شرقيَّة لشقِّ البحر، والتي كانت ستأتي لملاقاتهم، فكانت شديدة جداً لدرجة أنَّها فصلت المياه (خروج 12:14). لكنَّها بالرغم من قدرتها على شقِّ جدار المياه والمحافظة عليه كما لو كان مصنوعاً من الصّخر، إلّا أنَّها كانت رياحاً لطيفة وناعمة لأنَّها لم تُسقط أو تؤذِ طفلاً واحداً أو كبار السِّن. يا له من إلهٍ رائع!
وبخصوصِ يشوع، فقد أمره الربُّ بأن ينهض لأنَّه سيعبر نهر الأردن مع شعبه بأرجلٍ ناشفة (يشوع 17:3) وسيحدثُ هذا خلال فصلٍ ماطرٍ، حينما يكون النهر فائضاً على ضفَّتيه. لذا، يجب عليه أن يتوقَّف عن الحزن على موت موسى، الذي لم يرِده الربُّ أن يقود شعبه فيما بعد. لا تخَف، مهما كان ما يهدّدك! فإنَّك لن تتعثَّر طالما أنَّ الله إلى جانبك، ولن تخسر الحربَ. الإيمانُ هو السرُّ.
سيواصل يشوع إتمام المهمَّة ولهذا يجب عليه أن يكونَ رجلاً حقيقياً وألّا يخشى أيَّة عقبات، وكان عليه تعلُّم كيفيَّة إطاعة العلي. وبالتالي، ربح معاركاً لا تحصى في مهمة استقرار بني يعقوب في الأرض التي أعطاها الربُّ. إذن، أنجزْ خدمتك وسترى بأنَّ الله كان معك.
محبَّتي لكم في المسيحِ
د. ر. ر. سوارز