رسالة اليوم

22/04/2024 - عناءُ الأبِ

-

-

فَقَامَ جَمِيعُ بَنِيهِ وَجَمِيعُ بَنَاتِهِ لِيُعَزُّوهُ، فَأَبَى أَنْ يَتَعَزَّى وَقَالَ: «إِنِّي أَنْزِلُ إِلَى ابْنِي نَائِحًا إِلَى الْهَاوِيَةِ». وَبَكَى عَلَيْهِ أَبُوهُ.

(التكوين ٣٧: ٣٥)

كان يعقوبُ فعَّالاً بإعطائنا دروسٍ مهمَّة جداً، ودرسُ المحبَّة التي كان يكنَّها ليوسف ولأولادهِ الآخرين وبناته، هو درسٌ جميلٌ بالتأكيد. فهو يعلِّمنا عدم التخلِّي عن أبنائنا الجسديّين والروحيّين أيضاً. وعلى الرَّغم من أنَّه أحبَّ الذين أوكلهم اللهُ إليه، إلَّا أنَّ يعقوب لم يمتنع من توبيخِ رأوبين بكره لأنَّه أخطأ، وحرمه من الميراث إذ أساءَ إلى دان ونفتالي ووالديه، إخوة رأوبين.

يشبهُ يعقوب الربَّ يسوع بطريقةٍ ما، الذي من أجل اقتناء عائلةٍ مباركة لنفسه، عمل كلَّ جهده لإبعادنا عن إيدي العدوِّ. لا يستسلم السيِّد أبداً، حتى عندما نكرِّر استسلامنا لإرادة العدوِّ في لحظة ضعفنا. إنَّ صمود القدير هذا يثير إعجابنا لأنَّه هناك أسباب تدفع العديد من إخوتنا في الإيمان إلى الضَّلال وراء أكاذيب شيطانيَّة، مسبَّبة الألم والمعاناة في جسدِ المسيح، لكنَّ يسوع أنقذهم بحبَّه.

عانى يعقوبُ لمدَّة سبع سنين للزواج من راحيل (المرأة التي أحبَّ). وبسبب خداع حميه له، تزوَّج ليئة، ثمَّ لم يكترث للعمل لسبعِ سنين أخرى. وبعد ذلك حتى بعد أن تغيَّرت أجرته لعشراتِ المرات، آمن بأنَّ الربَّ لن يتركه يعاني من الخسارة. فقط الذين ينظرونَ إلى "رئيس إيماننا" بإمكانهم التصرُّف بنفسِ الطريقة. فيمكننا المثابرة حتى النِّهاية بالرَّغم من أنَّ الظروف لا تبدو منطقيَّة.

لا يوجد عزاءٌ لفقدان طفلٍ، لأنَّ الشيء الذي أُعلن عنهُ سيدومُ إلى الأبد. لذلك علينا أن نجاهدَ من أجلِ عدم خسارةِ أيِّ جزء من ميراثِ الله. يمكننا الحكم على أيِّ شخص رفضَ بوعيه غفران الله، وأيضاً على الذين لم يفعلوا اللَّازم لتخليص تلك النفس. فقط عند معرفة أنَّ أحدهم قد ضلَّ بسبب زلَّاتنا، ستكون معاناتنا كبيرة وغير منتهيَّة.

حاول أبناءُ يعقوب الذين كذبوا عليه بقولهم "إنَّ وحشاً افترسه" أن يعزّوه خلال فترةِ آلامه، لكنَّ كلمة تعزيَّة كاذبة لا تهدِّئ قلباً مخدوعاً ومضطرباً. لكن فقط الذين يعبدون الله بالحقِّ يملكون القوَّة على التعزية والشِّفاء وعضد السَّاقطين. لكن، إذا حاول أحدهم إخفاء خطأه عن الآخرين، وفي نفسِ الوقت حاول تقديم المساعدة، فلن تكون هناك فرصةً لنجاحه.

لماذا لم يمنح الله يعقوبَ التمييز بأنَّ القصَّة التي ألَّفها أولاده كانت غير صحيحة؟ حسناً، من المحتمل أنَّه فعل. لكنَّ قلب أبي المؤمنين هذا امتلأ بالحزن، أو من المحتمل ليعطينا درساً هامَّاً، فلم يدرك أنَّه كذبٌ. في نفس الوقت الذي سمع فيه عن تلك القصة الاحتياليَّة، تنبَّأ في قلبه بأنَّه سينزل إلى قبر ابنه، لكنَّه مضى للقائه في مصر.

تعلَّم من الروح القدس المصارعة من أجل الذين منحك الله إيَّاهم في عائلتك الطبيعيَّة وفي عملك في حقلِ الخدمة، الذين هم عائلتك الأبديَّة. ولا تبتعد عن أيِّ أحد أو تيأس منه إلى أن يتغيَّر أو إذا عبرت إلى الضِّفة الثانية وكنت في محضر الربِّ للصلاة من أجله. لقد تمَّ منحك القوَّة للحفاظ على كلِّ ما ينتمي لك.

محبَّتي لكم في المسيحِ

د. ر. ر. سوارز