رسالة اليوم

18/01/2017 - مَغْرُوسَينَ عَلَى مِيَاهٍ

-

-

مُبَارَكٌ الرَّجُلُ الَّذِي يَتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ وَكَانَ الرَّبُّ مُتَّكَلَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عَلَى مِيَاهٍ وَعَلَى نَهْرٍ تَمُدُّ أُصُولَهَا وَلاَ تَرَى إِذَا جَاءَ الْحَرُّ وَيَكُونُ وَرَقُهَا أَخْضَرَ وَفِي سَنَةِ الْقَحْطِ لاَ تَخَافُ وَلاَ تَكُفُّ عَنِ الإِثْمَارِ. (إرمياء 17: 7، 8).

مَا فَائدةُ المَسيحيّ إن لمْ يَتّكل فِعلاً عَلى الرَّبِّ الإله ويَضعُ كُلَّ رَجائهِ عَليهِ؟ فَالمُقارنةُ بَالشَّجرةِ هُنا ليْست بَالصُّدفةِ. فَالمسيحيُّ لهُ أُصولٌ يَنبغي أن تَمتدَّ إلى يَنبوعِ المياهِ الحَيِّةِ. وورَقُهَا لا يَذبلُ أبَداً، فَلا يَخافُ من التَّجربةِ، وفي الأزمِنةِ الصَّعبة، وليْس عَليهِ أن يُكافحُ ليَبقى على قَيدِ الحَياة، ولاَ يَكُفُّ عَنِ أن يُعْطي أثْمَاراً.

وضْعُ كُلَّ إيمانِنا وثِقتِنا في الرَّبِّ القَديرِ من أكثرِ الأشياءِ أهَميةً. عدّةُ مراتٍ نُلاحظُ أننا نَثقُ خَطأً في أشَخَاصٍ بَالكنيسةِ وفي مُؤسساتٍ أُخرى. وِزارةُ العَدْلِ على سَبيلِ المِثالِ، وهَي المَسؤولةُ عنْ الحِفاظِ على القَانُونِ، إنّما لا يُمكننَا أن نَضعَ ثِقتنَا فِيها ولا في القَاضي، الذي يُنفّذُ هَذا القَانون. ونَفسُ الشَّيء يَنطبقُ على الكنِيسةِ أو أيّ شَخصٍ أو مُؤسسةً أُخرى. فَيجبُ عَلينَا أن نَضعَ ثِقتنَا ورَجَاءَنا في الخَالقِ وحدهُ.

فَالرّبُ، الذي لمْ يَخْلُقنا بالصُّدْفةِ، إنّما لمُهِمّةٍ مُعينةٍ يهدفُ إلى تحقيقهَا، وهَذا هو سببُ مُقارنتهِ لنَا بالشَّجرةِ. والإنجيل يقول: كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ (يُوحَنا 15: 1، 2) وهُناك درسٌ مُفيدٌ لنا يَجبُ أن نَتعلَّمَهُ. وكذلك شَجَرَةَ التِّينٍ التي لمْ تُعْطي ثمراً للرَّبِّ يَسُوع فلعَنَها وجَفّْتْ (مرقُس 11: 13- 14). فَيجبُ أن نَعلمَ بِأنّنَا قدْ وُضِعْنَا في العَالم، وفي الكَنيسةِ لأجِل رِسالةٍ نَبيلةٍ، لِذلكَ دَعُونَا ألا نَنسى المَثلَ الذي أعَطانَا إياهُ الرَّبُّ، ودَعُونَا لا نَنسى أنهُ قدْ يَحدثُ لنَا إن لمْ نُنفِّذُ مَشيئتهُ. فَقدْ أكّدَ الرَّبُّ يَسوعُ أنَّهُ اخِتارنِا لكي نذْهَبُ ونَأْتي بِثَمَرٍ وَيَدُومَ ثَمَرُنا (يوحنا 15: 5- 16).

إنّه لأمرٌ خَطيرٌ لو أننَا تَعثّرْنَا وتَوقفْنَا عنْ الإثمَار، وهَذا قدْ يُسبِّبُ لنَا إدانةً كبيرةً جداً. ولكن، يجبُ عَلينَا أن نكُونَ مِثل الشَّجرةِ المَذْكورةِ في الآية أعَلاه، وأن نَمُدَ جُذورنَا نَحوَ يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ (إرمياء 2: 13). لأنَنا إن لمْ نَشْربَ مِن هَذا المصْدر، فلنْ نَستطيعَ أن نَكونَ كشجرةٍ خَضراءَ دَائماً حَتى في وقتِ التَّجاربِ (مزمور 1: 3). وكَذلكَ كَلامُنَا لنْ يَكونَ طَيباً، وسَنفقدُ القُدرةَ للتغلُبِ على التَجاربِ. وبالتأكيدِ بدونِ هَذه المِياهِ المُباركةِ، سَوفَ نَحترقُ بِنارِ الخَطيئةِ. فَالرَّبُّ يُريدُنَا أن نَكونَ مُستعدينَ لأيّ فخٍ من إبْليس.

كُلّ أولئكّ الذينَ يَرتعِبونَ من هَجماتِ الشَّيْطانِ، بالتأكِيدِ لمْ يَشربُوا منْ يَنبوعِ ماءِ الحَياةِ. فَقُدرتُنا على إظهَارِ مَجدِ اللهِ تَعتمدُ على المَاءِ المُستخرَجِ منْ اليَنبوعِ الأبَدي، وبِأوراقٍ ذَابلةٍ، لنْ نجْتذبَ إلينا أحدٌ. إنَّ بِدايةَ الحَلِّ لهَذا العَالمِ، أنّهُ لا يُمكننا أن نتوقع الحصول على "البَركةِ" من الخَاسِريْن، هَل يُمكنُنا ذَلك؟ لِذلك مَرّةً أخرى، نحن لسْنَا بِحاجةٍ لأن نُكافحَ بيأسٍ لنَبقى على قَيدِ الحَياة! بلّ نحنُ لدِينا المُؤهِلات، التي تَجعلنَا نَأْتِيَ بِثَمَرٍ كثيرٍ في أيّ وقتٍ وفي أيّةِ حَالةٍ.

 

محبّتي لكم في المسيح

د.سوارز