رسالة اليوم

16/06/2023 - القرارُ الجَسدي

-

-

فَرَفَعَ لُوطٌ عَيْنَيْهِ وَرَأَى كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ أَنَّ جَمِيعَهَا سَقْيٌ، قَبْلَمَا أَخْرَبَ الرَّبُّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ، كَجَنَّةِ الرَّبِّ، كَأَرْضِ مِصْرَ. حِينَمَا تَجِيءُ إِلَى صُوغَرَ. (تكوين10:13)


نالَ ابراهيمُ كلَّ الصِّفات التي تجعله شخصًا مباركًا عندما دُعي للذَّهاب إلى الأرض التي سيُريه الله إيَّاها. في ذلك اليوم كان أخوه هاران قد ماتَ، وذهبَ لوطٌ ابن أخيه ليعيش معه. لم يتخلَّ إبراهيمُ عن ابن أخيهِ عندما غادرَ ولم يُهمِل بركته. ولكنَّ لوط لم يُدرك هذا أبداً.

رأى لوطٌ ما فعله الله في مِصرَ، عندما حاول فرعون أن يأخذَ سارة زوجة له، حيث وبَّخه الله بشدَّة. كان يجب أن يتكلَّم هذا الموقف لقلبهِ، لأنَّه كان دليلًا على أنَّ الربَّ ملتزمٌ بخادمهِ الذي استمَع إليه. ونظرًا لأنَّه كان تحتَ ظلِّ عمِّه، فلن يحدثَ أيَّ ضررٍ لهُ، بل سيُشارك البركات التي لحقتْ إبراهيم خلالَ مسيرته بأكملِها أيضًا.

اغتنى إبراهيمُ كثيرًا، وكذلك لوطٌ، الذي كان يجب أن يحبَّ عمَّه أكثر ولا يسمح لرُعاتِه بالمُشاجرة مع رعاة إبراهيم، لأنَّ البركة تبِعتْ رئيس الآباء. وبما أنَّه لم يفعل شيئًا، فقد جاء إليه عمِّه وطلبَ الانفصال؛ لو كان حكيمًا، لاقترح عليهِ البحث عن حلٍّ لتلك الأزمة، لأنَّ الأمرَ نافعٌ ومثمرٌ أن يبقى بجانب إبراهيم.

بما أنَّ لوطاً كان جسديًّا وجشِعًا، فقد رفعَ عينيه وترك الشَّيطان يُظهر لهُ سدوم (التي كانت مزدهرة قبل أن تحرقها نارُ الله). تمَّ تضليله بسبب شهوتهِ. لم يهتمّ حتى بإعطاء الأفضل لعمِّه الذي كان لديه الوعد، لأنَّ ما يهمُّه هو أن يكبرَ أكثرَ من عمِّه. والآن في الجبال، لن يكون لإبراهيم نفس الخيرات الماديَّة التي سيمتلكها لوطٌ في تلك الأرضِ.

الشَّخصُ الحسودُ هو إنسانٌ جاحِدٌ، يرغب في أن يكون شخصاً هامّاً. ولكي يُصبح هذا حقيقة، فهو قادر على فِعل ما يراهُ مناسباً للحصولِ على مكانةِ شخصٍ ما وسرقته بأيِّ ثمنٍ، حتى لو كان عليه أن يكذبَ ويخدعَ، وبالتَّالي سيقضي حياته كلَّها بالخَجل. هذا الشَّخص يسبقُ الجميع ويستحوذ على كلِّ شيءٍ لنفسِه، ولا يعلم أنَّ الثَّمن الذي سيدفَعه سيكون باهظًا جدًا. أيُّها الأحمق المسكين! ألن يكونَ هناك يومٌ للحسابِ؟

سُبيَ لوطٌ مع عائلته وممتلكاته عندما هُزمَ ملوكُ سدوم في عمورة أمامَ الملوك الأربعة الغزاة. ولكن مرَّة أخرى، باركه إبراهيمُ وذهب لإنقاذه، وهزمَ الملوكَ وأعاد الغنائم. كان ينبغي على لوط أن يتأمّل في الأمر ويطلب الغفران من عمّهِ ويفوز بالمُصالحة مع البركة.

ولكنَّه يُظهر نفسهُ مرَّة أخرى شرّيرًا وناكرًا للجميلِ، لأنَّه كان يجب أن يصحِّح الأمرَ مع عمِّه، حتى لو كان عليه أن يترك ممتلكاته في سدوم أو يسلّمها لعمِّه. ولأنَّه لم يفعل ذلك، خسِرَ لاحقًا كلَّ ما ربِحه في حياتهِ. لم يفقد حياته وعائلته فقط لأنَّه كان قريبُ إبراهيم.


محبتي لكم في المسيح
د.ر.ر. سوارز