رسالة اليوم

06/12/2016 - قَدِّمْ النَّصِيحةَ بِأمَانَةٍ

-

-

فَذَهَبَ أَلِيفَازُ التَّيْمَانِيُّ وَبِلْدَدُ الشُّوحِيُّ وَصُوفَرُ النَّعْمَاتِيُّ وَفَعَلُوا كَمَا قَالَ الرَّبُّ لَهُمْ. وَرَفَعَ الرَّبُّ وَجْهَ أَيُّوب (أيوب 42: 9).

 

أرَادَ هَؤلاء الثَلاثَةُ أصَدِقاء مُسَاعدةَ أَيُّوب وتَخليصِهِ مِن عَذَابهِ، لَكِنَّهُم تَجَاوزوا الحُدودَ في ذَلِك، عِنْدما تَكلّموا بِحَسبِ قُلُوبِهم. لِذَلكَ، غَضِبَ الله مِن فِعْلهم هَذا وأعَطاهُم فُرصةً، ليُقدِّمَ أيوبُ عَنْهُم قُربَانَاً للرَّبِ بِسببِ خَطيَتِهم التي اِرْتَكَبُوهَا ويُصَلّي مِن أجْلهِم. وقَبِلَ الرَّبُ صَلواتَهِ، وتَغَيَّرت الحالةُ من خلالِ هَذِهِ الصَّلاة.

بَالغَ أصدِقاءُ أَيُّوب عِنْدمَا حَاولُوا مُسَاعَدتَهُ. لأنَّ النَّصِيحةَ يَجبُ أن تكُونَ حَيّةٌ جِداً لتَصِلَ لِقلوبِ المُؤمِنين: فَمَثلاً لِتقْدِيمِ المُسَاعدةِ حَقّاً، لا نَسْتطيعُ الاِسْتِعانةَ بالحِكْمَة أو الفَهْمِ البَشَري، لأنَّ الخِدْمَةَ الحَقيقيةُ تَنْبُعْ فَقْط مِن كَلمةِ إِلهِنا. لِذَلك، كُلّ مَنْ يَسْتعملُ تَدبيرهُ أو مَا يُعْلنهُ لهُ أحَدٌ، مَصِيرهُ الفَشَل.

فالتَعَبيرُ عَمَّا نُفكّرُ بِهِ أو مَا يَبْدو لنَا مَنْطقياً قَدْ يَكونُ ضَّلالةً كبَيِرةً مِنَ العَدوّ. ولِذلكَ لا يَجبُ إعْطاءُ أيّةَ نَصِيحةٍ بِحسَبِ إرَادتِنا وتفكيرِنا، ولكِنْ بِحَسَبِ مَا يُعْلنهُ لنَا قَلبُ الرَّبُ في كَلمَتِهِ، ومِنْ الجَيّدِ أن نَكونَ حَذِرينَ دَائماً ونُلاحِظَ إجَابَتِنَا؛ وأخِيراً، عِنْدما يَطْلُبُ مِنّا أحَدٌ نَصِيحةً مَا، يَنْبَغي أن يَكونَ مَصْدَرُهَا الرَّب وليْسَ شَخصٌ آخَرٌ. فَالإنْسَان دَائماً عَلى اِسْتِعْداد لإبْدَاءِ الرَّأْي، إنّْمَا مُعظمُ هَذهِ الآراءُ عَادَةً تُبْعدُنَا عَنْ الإلهِ الحَقيقي.

إنَّ مَسْؤوليتَنَا عَظيمةٌ جِداً عِنْدمَا نَجْعلُ أحَداً يُؤمنُ بِمَا نَقُولهُ. فَخِدمةُ المشورة هامّةٌ جِداً، وذاك قد يَجْعلُ الشَّخصَ مؤمناً بِمَا نَقولهُ ولا يَنْتظرُ مَشيئةَ الآبِ. فلن يَحْصَلَ أحَدٌ على نَجَاحٍ أسَاسُهُ أعْمَالهُ أو فَلسفة أحَدِ القَادةِ، أو مستنداً عَلى عَقيدةٍ دِينيةٍ أو عَلى تَقْالِيدِ النّاسِ. فقط مَنْ يَقْتَني كَلمةُ الرَّبِ، يَقْدرُ أن يُسَاعِدَ المُحْتاجينَ للمُسَاعدةِ.

أعَطَى كُلاًّ مِنْ أَلِيفَازُ التَّيْمَانِيُّ وَبِلْدَدُ الشُّوحِيُّ وَصُوفَرُ النَّعْمَانيُّ إلى أَيُّوب كَلامَاً جَعَلَ الرَّبُ الإلهُ سَاخِطَاً وكَادَ أن يُعَاقِبَهُم. فَقَدْ أسَاءَ هَؤلاءَ الرِجَال فِيما فَعَلوا، لكِنْ بِمَا أنَهُم فَعَلوا ذَلِكَ بِسَلامةِ نِيّةٍ، فالرَّب أرشَدَهُم لِطلبِ الصّلاة مِنْ أَيُّوب لأجْلِهم.

بِالإضَافةِ إلى ذَلِكَ، كَانَ منَ المَفْرُوضِ على أصَدِقاءِ أَيُّوب تَقدِيم قُرْبَانَاً مِنْ أَجَلِ خَطَأهُم أيضاً. وعِنْدمَا أطَاعوا الرِسَالةَ الإلِهية، صَلّى أَيُّوبُ من أجلهِم، فَغُفِرت خَطَايَاهُم، وتَغيّرتْ حَالةُ أَيُّوب بِتِلكَ الصَّلاةِ.

إنَّهُ لأمرٍ خَطِرٍ جِداً أن نَنْصحَ أحداً دُونَ أن يَضَعَ الرَّبُ القَديرُ كَلِمتَهِ في أفَوَاهِنا! لِذلك إذا أرَدْتَ أن تُوَصِلَ رِسَالةً يَجِبُ أن تَكُونَ كَمّا تَعَلّمْتَهَا مِنَ الرَّبِ، دُونَ زِيَادةٍ أو نُقْصَان.

 

محبتي لكم في المسيح

د. سوارز