هَكَذَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً أَمَامَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ(متى 18: 14).

مشيئةُ الله أنَّ الجَميعَ يَخْلصُون، ومَهْمَا كَانَ الشَّخَصُ صَغِيراً في عَيني النّاس فَهو هامّ جِداً لدَى الرَّب، ولو تَعلّمَ تَنميةَ المَواهِبِ التي أُعطِيَت له، بِغَضِّ النَّظرِ عَنْ مُهِمتهِ في عَمَلِ الرَّبُ، سَيكونُ بَركةً لنَا جَميعاً.

لا أحَدَ مزدرىً في عَيني الرَّب. ولقدْ بَرهَنَ اللهُ عَلى ذَلِكَ بأن أرسَل ابْنَهُ الوَحِيد لِكي يَمُوتَ مِن أجَلِنَا، وبِذَلك كَانَ عَمَلُ خَلاصِنَا المُعَقّد جداً والكَامِل. فلو كَانَ هُنَاك شَخَصَاً واحِداً مُوجُوداً عَلى الأرْض، لأرسَلَ الله الآبُ يَسُوعَ، وقَامَ بِكُلِّ هَذا مِن أجَلِهِ .

فَمحَبةُ الرَّبِ مُتَسَاويةٌ لنَا جَمِيعَاً، بِغَضِّ النَّظرِ عَنْ مَنْ نَكُونُ نَحْنُ، لِذَلِكَ لا يَحْتَقِرُ الرَّبُ أحداً فِينَا، بَيْنَما يُفرِّقُ البَشرُ عَادةً بَينَ النّاسِ وبينَ بَعَضِهم البَعَضْ، مِن حَيثُ الجِنْس واللَّوْن، الحَالةُ الاِجتمَاعِية والثَقَافِيةُ، الشَّكْلُ والأصْلُ. ولكِنَّ الآبَ يُحِبُّنَا جَمِيعَاً بِنَفْسِ الدَّرَجَةِ، ومَشِيئتُهُ أن يعرفَ الجَمِيعُ الحَقَّ.

فَيجبُ أن نَهْتَمَ كَثيراً بِكُلِّ الَّذينَ قَدْ اِختَبروا الخَلاَصَ، ونُعَاملهُم كَأخوةٍ في المَسِيح. وعَدَمُ قُبُولنَا لهُم لأيّ سَبَبٍ، يَعْني عَدَمَ إتِبَاعِ وصَايَا المُعَلِّم. فَعِنْدمَا صَنعَ يَسُوعُ مُعْجزةَ السَّمَكتِينِ والخَمْسَ خُبْزاتٍ ليُطْعِمَ الجُمُوعَ، أمَرَهُم بَعَدَ ذَلِكَ بِجَمعِ مَا فَضَلَ مِنَ الْكِسَرِ والاحْتِفاظَ بهَ، حَيْثُ لا يَنْبَغي أن يضيعَ شيءٍ (متى 14: 13- 21)، فَكم بالحَريّ الأشَخَاصُ الَّذِينَ مِثْلنَا تَمَاماً، فَلا تُبدِّدُ النُفُوسَ!

سَنَدْخُل كُلّنَا مِنْ بَابٍ واحدٍ أمَامَ الرَّبِ الإلهِ، وكُلّ مَنْ لدَيْهِ كَهنُوتُ الخِدمةِ يَجِبُ أن نُشَجِعَهُ على إنْجَازِ الأعَمَالِ التي تُعْطى لهُم، بِحَمَاسٍ وإخَلاصٍ، فالله وزَّعَ المَواهِبَ الرُّوحِيةِ كمَا شَاء، لِذَلِكَ؛ الشَّخْصُ الَّذي يَشُعُرُ أنَّه بلا قِيمةٍ، رُبَمَا يَكونُ صَاحِبَ المُوهِبةِ التي سَوفَ تُسَاعِدُنَا للخُرُوجِ مِنْ أصَعَبِ المَوَاقِف. فَقَدْ تَعَلّمْنَا مِنْ الحَيِاةِ أنّ الأشَخَاصَ المُضْطهَدينْ والَّذينَ لا يَنْتظِرونَ شَيئاً منْ غَيْرِهِم، هُمْ الَّذِينَ يُخَلّصُونَ مَنْ يضْطَهِدُهُم.

الكِرَازةُ مِن أجلِ البَعِيدينَ ليست مُهِمَّتُنَا فَقَط، بل خِدْمَةُ القِدِّيسِين أيضاً، ولأنَّ طِلْبَةَ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيراً فِي فِعْلِهَا (يعقوب 5: 16). فاعْتِبَاراً مِنَ اليَوْم، كُلّ الَّذينَ يُمَثِّلونَ جُزءاً مِن جَسَدِ المَسِيح يَحْتَاجُونَ مِنْكَ الاعْتِنَاءَ المَطَلوبَ. فَلا تُحِبَّ فَقط الَّذينَ يَأتونَ إليْكَ لابسين خَواتِمَ ذَهَبٍ أو أولئك الذين يُعَلِّقُونَ الشَهاداتَ الجَامِعِيةَ عَلى الحَائِطِ. فليُسَاعِدُنا الرَّبُ الإلهُ أن لا نَحْتَقِرَ مَنْ اِخْتَارَهُم.

محبتي لكم في المسيح

د.سوارز