رسالة اليوم

28/05/2020 - لو ارتدَّ إبراهيم

-

-

أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا، وَإِنِ ارْتَدَّ لاَ تُسَرُّ بِهِ نَفْسِي». (تك38:10)

 

طلبَ إبراهيمُ الربَّ في وقتٍ لم يلتفِت فيه جيلُه إلى أدنى المُمارسات الرُّوحية. وهكذا سمعَ صوتَ الله يخبره أن يتركَ أرضَه، منزلَ والده، ليذهبَ إلى مكانٍ سيظهرُه الله له (التكوين 12: 1). حتى دون معرفةِ إلى أين يذهب، أطاع أمرَ الربِّ، وذهب في رحلةٍ صعبةٍ وكثيرة التَّحدّيات؛ ورغم ذلك لم يتوانَ، لكنَّه قال "نعم" للعليِّ.

 

حدثَ جفافٌ في الأرضِ التي كانَ فيها، فذهب إبراهيمُ إلى مِصرَ حيث أُخِذَت زوجتُه سارَّة لتكون إمرأةً لفِرعون (العددان 14 و 15). لكنَّه صلَّى لله الذي أنقذه وأبعدَ عنه مثلَ هذا العار والخِزي. فلو اتَّخذ مسارًا مختلفًا، لَما كان قد أرضى الله القدير، الذي وبَّخ فِرعون وأعادَ زوجة إبراهيم سالمةً مصونةً (الأعداد 18-20).

 

أخذ إبراهيمُ ابنَ أخيه لوطٌ معه، الأمر الذي سبَّب له مشاكلَ لأنَّ رعاته لم ينسجِموا مع رعاة إبراهيم. كان يمكن أن يطلبَ من لوطٍ أن يذهبَ بعيدًا، لأنَّه هو الذي تلقّى المهمَّة الإلهية. ولكنَّه سمحَ لابنِ أخيه أن يختار المكانَ الذي سيذهب إليه، فاختار لوطٌ الأرض الجيِّدة لنفسِه. وبالتّالي لم يكن لدى إبراهيم خَيارٌ سوى الذَّهاب إلى الجبال (13: 6-12). عندما تمَّ أسرُ ابن أخيه، ألهمَ اللهُ إبراهيم لإنقاذِه (التكوين ١٤). فأطاعَ الربَّ الذي أخبره أنَّ أجرهُ سيكون عظيمًا جدًا. (تك15: 1-6). 

 

عيَّن العليُّ الوقتَ لسارة كي يكون لها ابنٌ! كيف؟ وكانت قد بلغت من العمر 89 عامًا، وإبراهيم بلغَ من العمر 99 عامًا. فَهُوَ عَلَى خِلاَفِ الرَّجَاءِ، آمَنَ عَلَى الرَّجَاءِ، لِكَيْ يَصِيرَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ (رومية 4: 18 أ) وَإِذْ لَمْ يَكُنْ ضَعِيفًا فِي الإِيمَانِ لَمْ يَعْتَبِرْ جَسَدَهُ ­ وَهُوَ قَدْ صَارَ مُمَاتًا وَلاَ مُمَاتِيَّةَ مُسْتَوْدَعِ سَارَةَ. وَلاَ بِعَدَمِ إِيمَانٍ ارْتَابَ فِي وَعْدِ اللهِ، بَلْ تَقَوَّى بِالإِيمَانِ مُعْطِيًا مَجْدًا ِللهِ. وَتَيَقَّنَ أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضًا.  فلو لم يثقْ بالربِّ، ماذا أضحى حالُنا اليوم؟

 

أراد ملكُ جَرار أن يأخذ زوجة إبراهيم أيضاً (التكوين 20: 1-7) ، ولهذا السَّبب كان بإمكان ابراهيم أن يتخلَّى عن تبعيةِ الله العليِّ، لكنَّ إيمانه جعله يتجاهل مشاكلَ الحياة اليومية. كان يبلغ من العُمر ما يكفي ليعرفَ أنَّ العدوَّ يحاول أن يأخذ المكافأة لئلَّا يكونَ الخادم مخلِصًا للربِّ. لو تراجعَ إبراهيمُ، لَما كان الضَّرر له وحده، بل لحِق الأذى بنا أيضًا.

 

أطاعَ إبراهيمُ الله وظلَّ ثابتًا في إيمانهِ- حتى عندما لم تتوفّر حيواناتٌ لتقديم التّضحية-  قدَّم ابنه إسحاق حسبَ الدّعوة  (التكوين 22: 1-18). أنجز إبراهيمُ الوعود وانتصرَ في المعارك واليومَ يُطلق عليه اسمُ أبو المؤمنين.

 

وبالمثلِ كُنْ قويّاً، لا تستسلم! كلُّ ما تفعله من خلالِ إيمانك بالله سيكون حاسِمًا لك وللذين هم لك ولآخرين أيضاً. لقد اختارك الربُّ لتكون مخلِصًا، ولكي تنتصر وتنفِّذ خطته وسط جيلٍ معوجٍّ ومضطربٍ. أُعِدَّت المكافأة لك، ولن يفشلَ الربُّ، سيقولُ يسوعُ لكم ذات يومٍ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي ( متى ٢٥: ٣٤ ب)

 

محبتي لكم في المسيح

د.ر.ر.سوارز