رسالة اليوم

03/11/2019 - ماذا بعد..

-

-

 

 

وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ بَعْدَ أَنِ اعْتَزَلَ عَنْهُ لُوطٌ: «ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَتَلَفَّتْ حَوْلَكَ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ، شِمَالاً وَجَنُوباً، شَرْقاً وَغَرْباً، فَإِنَّ هَذِهِ الأَرْضَ الَّتِي تَرَاهَا، سَأُعْطِيهَا لَكَ وَلِذُرِّيَّتِكَ إِلَى الأَبَدِ. (التكوين13: 14-15)


حصلَ أبرامُ، الذي دُعيَ إبراهيمُ فيما بعد، على الوعدِ وبدأ رِحلته؛ لذلك كانت البركة له. ثمَّ تبِعه ابنُ أخيهِ. هؤلاء الذين يُدعون للإعتناء بأحدِ أفرادِ العائلة لا يتحمّلون مسؤولية عبءِ معيشتِهم في أغلبِ الاحيان. ويكون بعضُهم بركةً مع مرورِ الوقت، ولكن قد تظهر بعضُ المشاكلِ. لذلك يصبحُ الانفصالُ ضرورياً.

على الرُّغم من تمتّع إبراهيم بأمانةِ الله، لم يهتمَّ لوطٌ بحقيقة أنَّ رُعاتِه كانوا يتشاجرون مع الذين يتمتّعون ببركات الله في حياتهم وأعمالِهم. وهذا يعكسُ الجشعَ الذي يدخل قلبَ من يُدعى للعملِ إلى جانب المسؤول عن الخِدمة. يحدُث هذا بسبب الرّغبات غير المشروعة، إضافةً لأمورٍ أخرى. فعندما لا يكونُ "الرُّعاة" - وهذه استعارة للحديث عن مطلق المحبّة – بمستوى طاعةِ أمر الربّ، يحينُ الوقتُ لوضع حدٍّ لذلك، لأنَّ الخلاف قد يتفاقم وهذا الأمرُ ليس من الله.


كلَّمَ الله إبراهيم عن أرضِه فقط عندما اتّخذ قرارَ الإنفصالِ عن ابن أخيهِ. أولئك الذين لديهم دعوةٌ من الله يفقدون بركاتٍ عظيمةٍ عندما يَسمحون لأقاربِهم وشُركائِهم الأشرار وشهواتِهم القذرة، كالجَشع وغيره من التّجارب أن تستقرَّ في قلوبهم. عندما يبدأ المَرءُ بتبريرِ أخطائِه، فذلك يدلُّ على وجودِ عملٍ للشّيطان في حياتِه، وهكذا تتوقّف الخطّة الإلهية.

يجبُ تفكيكُ صداقةٍ ما حتى لو كان ذلك مؤلماً أحياناً. فمِنَ الطبيعي أنّ التّعايش يجمعُ بين النّاس، لكن دون أن ينتبِهوا، يخلقون روابط قويّة وحميمية بشأنِ مواضيعٍ معيّنة، ودون قصدٍ، قد يطوِّرون علاقة حميمية وأحياناً روابط خاطئة، لذلك يجب قطعُ هذه الرَّوابط. لم يوبِّخ لوطُ رعاته، فهو مجرَّد فردٍ من أفراد العائلة، ولم يكن هو صاحبُ الدَّعوة. فكان على مالكِ البركة إبراهيم، اتّخاذ القرار.

أمرَ اللهُ إبراهيمَ أن يرفعَ عينيهِ وينظرَ إلى أفقِ ما وَعَدَه بهِ. سيتمُّ مكافأة آلام انفصالهِ عن ابنِ أخيهِ بعَظَمة ما كان يعدُّه الله له أيضاً. وكان على إبراهيم أن يساعدَ لوط أيضاً لاحقاً. ولكن ما يهمُّ الآن هو أنَّ هؤلاء الرُّعاة لم يعودوا موجودين لاختلاس سلامِهم.

الربُّ إله أمينٌ وسوفَ يعوِّضك عن كلِّ ما فعلته لقطع كلِّ الرَّوابط التي تبعدك عن الخطة الإلهية. سيكون هناك مكافأة دائماً للذين يطيعون الله، فهذا وعدٌ منهُ.


محبتي لكم في المسيح

د.ر.ر. سوارز